Tuesday, December 9, 2014

المحكم و المتشابه

:قال تعالى

(هُوَ ٱلَّذِيٓ أَنزَلَ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ مِنۡهُ ءَايَٰتٞ مُّحۡكَمَٰتٌ هُنَّ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ وَأُخَرُ مُتَشَٰبِهَٰتٞۖ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمۡ زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ ٱبۡتِغَآءَ ٱلۡفِتۡنَةِ وَٱبۡتِغَآءَ تَأۡوِيلِهِۦۖ وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُۥٓ إِلَّا ٱللَّهُۗ وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ) [آل عمران : 7].

معنى المحكم و المتشابه في اللغة:

المحكم: وهو المنع[1]. المحكم: ما لا يعرض فية شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى.[2]
.وعليه فالمحكم هو ما كان ذا دلالة واضحة ، بحيث لا يحتمل وجوها من المعاني

المتشابه: يدل على تشابه الشيء وتشاكله لونا ووصفا، والمشبهات من الأمور المشكلات، واشتبه الأمران إذا أشكلا.
والمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره، إما من حيث اللفظ، وإما من حيث المعنى.[3]

:المعنى الإصطلاحي

ذكرت للمتشابه و المحكم تحديدات عدة، منها[4]

أ) المحكم: ما عرف المراد منه - والمتشابه: ما استأثر الله بعلمه.
ب) المحكم: ما لا يحتمل إلا وجها واحدا - والمتشابه: ما احتمل أوجها.
ج) المحكم: ما استقل بنفسه ولم يحتاج إلى بيان - والمتشابه: ما لا يستقل بنفسه واحتاج إلى بيان برده غيره.

يمثلون للمحكم في القرآن بناسخه وحلاله وحرامه و حدوده وفرائضه ووعد ووعيد، وللمتشابه بمنسوخه وكيفيات أسماء الله وصفاته التي في قوله: (ٱلرَّحۡمَٰنُ عَلَى ٱلۡعَرۡشِ ٱسۡتَوَىٰ) [طه : 5] وقوله: (كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ) [القصص : 88] وقوله (يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ) [الفتح : 10] وقوله: (وَهُوَ ٱلۡقَاهِرُ فَوۡقَ عِبَادِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡخَبِيرُ) [الأنعام : 18] إبى غير ذلك، وأوئل السور المفتتحة بحروف المعجم وحقائق اليوم الآخر وعلم الساعة

أقسام المتشابه:

ينقسم المتشابه في اصطلاح العلماء قسمين اثنين[5]:

الأول: المتشابه اللفظي:
 وهو ما نجده بين بعض آيات القرآن الكريم، كان تقدم جملة في اية، وت}خر في اية أخرى، أو أن نجد كلمة في اية ولا نجدها في أخرى، وذلك مثل قوله سبحانه:
 في سورة البقرة : 35 (وَقُلۡنَا يَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ وَكُلَا مِنۡهَا رَغَدًا) وقوله في سورة الأعراف : 9 (وَيَٰٓـَٔادَمُ ٱسۡكُنۡ أَنتَ وَزَوۡجُكَ ٱلۡجَنَّةَ فَكُلَا مِنۡ حَيۡثُ شِئۡتُمَا).
وفي سورة البقرة : 58 (وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا وَقُولُواْ حِطَّةٞ) وفي سورة الأعراف : 161 (وَٱدۡخُلُواْ ٱلۡبَابَ سُجَّدٗا).
 وفي سورة هود : 77 (وَلَمَّا جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا) وفي سورة العنكبوت : 33 (وَلَمَّآ أَن جَآءَتۡ رُسُلُنَا لُوطٗا).
 وفي سورة النساء (۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَآءَ لِلَّهِ) وفي سورة الماءدة : 8 (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُونُواْ قَوَّٰمِينَ لِلَّهِ شُهَدَآءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ).

الثاني: وهو الذي يقابل المحكم، وهو الذي يعنيه العلماء في هذا المبحث، وهو الذي نقصر حديثا عليه.

الاختلاف في معرفة النتشابه:

قوله تعالى: (وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ) هل هو مبتدأ خبره (ءَامَنَّا بِهِۦ كُلّٞ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلۡأَلۡبَٰبِ ) و الواو للاستءناف، والوقف على قوله: (زَيۡغٞ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَٰبَهَ مِنۡهُ) ؟ أو هو معطوف (ويقولون) حال، والوقف على قوله: (وَٱلرَّٰسِخُونَ فِي ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ).

مذهب الأول (الاستئناف) منهم أبي بن كعب و ابن مسعود وابن عباس وغيرهم من الصحابة و التابعين ومن بعدهم، مستدلين بمثل ما رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عباس أنه كان يقرأ ( وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به).

وبقراءة ابن مسعود (وإن تأويله إلا عند الله و الراسخون في العلم يقولون آمنا به).

مذهب الثاني (العطف) منهم مجاهد ، فقد روي عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس من فاتحته إلى خاتمته، أقفه عند كل آية وأسأله عن تفسيرها. واختار هذا القول النووي، فقال في شرح مسلم: إنه الأصح لأنه يبعد أن يخاطب اللع عباده بما لا سبيل لأحد من خلق إلى معرفته.

معنى التأويل:

1. صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به، وهذا هو اصطلاح أكثر المتأخرين.

2. التأويل بمعنى التفسير، فهو الكلام الذي يفسر به اللفظ حتى يفهم معناه.

3. هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام، فتأويل ما أخبر الله به عن ذاته وصفاته هو حقيقة ذاته المقدسة وما لها من حقائق الصفات، وتأويل ما أخبرالله به عن اليوم الآخرهو نفس ما يكون في اليوم الآخر. وعلى هذا المعنى حاء قول عاءشة: كان رسول الله ﷺ يقول في ركوعه و سجوده: (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللم اغفرلي) يتأول القرآن. تعني قوله تعالى: (فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا) [النصر : 3].

فالذين يقولون بالعطف: إنما عنوا بذلك التأويل بالمعنى الثالث، أي الحقيقة التي بؤول إليها الكلام، فحقيقة ذات الله وكنهها وكيفية أسمائه وصفاته وحقيقة المعاد لا يعلمها إلا الله.

والذين يقولون باللوقف إنما عنوا بذلك التأويل بالمعنى الثاني أي التفسير، ومجاهد إمام المفسرين، قال الثوري فيه: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به، فإذا ذكر أنه يعلم تأويل المتشابه فالمراد به أنه يعرف تفسيره.

التأويل المذموم: صرف اللفظ عن الاحتمال الراجح إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقترن به. 





[1] ابن فارس، معجم مقايس اللغة، ج2، مادة "حكم"، ص 91
[2] الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، مادة "حكم"، ص 251
[3] الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، مادة "شبه"، ص 443
[4] د.مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص 193
[5] د. فضل حسن عباس، إتقان البرهان في علوم القرآن، ج1، ص 487

No comments:

Post a Comment